تَكوين الأسرة الصحيحة في نَظَر القرآن الكريم
تُعتَبر الأسرة النواة الأولى لتكوين المجتمع فهيَّ اللبنه الأولى لتأسيس جميع المجتمعات على وجه الأرض ومن الضرورة مراعاة هذه اللبنة ، وبما أنَّ القرآن الكريم هو المبرمج المتكامل للمسيرة الصحيحة التي وضعها الله تعالى للإنسان فمنذ أن يروم الإنسان على الزواج يضع الله عزَّ وجلَّ شروطاً لهذا ازواج وقواعد يجب على المؤمن السير عليها لتحقيق الهدف المنشود وهو تكوين الأسرة الصحيحة والمتكاملة ومن هذه الشروط هي :
أولاً : حُسن الاختيار في الزواج: يُعتبر من أساسيات تكوين الأسرة الصالحة إذ يجب على المسلم المؤمن الزواج من المسلمة المؤمنة لا الكافرة وهذا ما أكد الله جل ثناؤه في كتابه الكريم : ( لَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ وَلَا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ أُولَئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ وَيُبَيِّنُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُون )(1) ويتضح من خلال النص القرآنيَّ نهي الله تبارك وتعالى بعدم الاقتران بزوجة كافرة وذلك لأنها ستربي أجيالاً لا تؤمن بالله عزَّ جلَّ وتعلمهم الأحقاد والضغائن ضد المسلمين لذلك على المسلم الزواج من المسلمة المؤمنة لكي تُربيَّ أطفالها على التعاليم السَمحاء للدين الاسلامي الحنيف .
ثانيًا : نشر الأخلاق :
من واجبات المسلم نشر أخلاق أهل البيت (سلام الله عليهم) التي هي أخلاق القرآن بين أفراد أسرته وتعليمهم إياها فهي التي تجعل من ألأسرة مثالية متماسة .فقد أكد القرآن الكريم على هذا الشيء في أكثر من خمسة وعشرين موضعًا تتحدث وتحث على مكارم الأخلاق . أردنا أن نذكر بعضها ، لتكون مرجعًا مفصلًا لكل من يرغب في العودة إلي النص القرآني المبارك، الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه.ولقد تضمنت سورة الإسراء الكثير من الآيات والمواضع التي تحث علي هذه المكارم وتدعو إلى تعميمها والعمل بها من أجل حياة يسودها الوفاء والأمانة والتواضع، وينظمها عدم الإسراف دون بخل، مع شرح مفصل محكم لحسن التعامل مع الناس، والتي من شأنها بناء أسرة صحيحة متكاملة
ويمكن لعشاق الأمانة والوفاء بالعهد القراءة بدءًا من الآية الرابعة والثلاثين من سورة الإسراء ليزدادوا وفاءً لعهودهم، ويزدادوا تمسكًا بأماناتهم، مرورًا بالآيات التي تليها حتي الآية السابعة والثلاثين: {(وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّىٰ يَبْلُغَ أَشُدَّهُ ۚ وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ ۖ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا * وَأَوْفُوا الْكَيْلَ إِذَا كِلْتُمْ وَزِنُوا بِالْقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ ۚ ذَٰلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا * وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ ۚ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَـٰئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا * وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا ۖ إِنَّكَ لَن تَخْرِقَ الْأَرْضَ وَلَن تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولًا ) (2).
(فهي نصوص وافية شافية لعلاقات الناس الإنسانية والمالية والأخلاقية. فيها الرحمة والعناية والحفاظ علي مال اليتيم، وفيها التأكيد علي مسؤولية العهد والوفاء به، سواءً كان عهدًا لله أو لأحد من الناس. وفيها الدعوة إلي إتمام الكيل بالميزان السوي فذلك أحسن مآلًا. وفيها النهي عن تتبع {وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ}. وفيها إعلام وإعلان عن مسؤولية السمع والبصر والقلب وماذا فعل بهم صاحبهم. وفيها نهي عن الكبر والخيلاء. وفيها التأكيد علي أن أحدًا لن يخرق الأرض ويثقبها حتي يبلغ آخرها بكبره وخيلائه. وأنه لن يصل إذا فعل طولًا كالجبال، فكيف تختال! وهو أمر صريح بالتواضع وحسن السلوك والتعاطف وحسن التعامل مع الناس لتزداد علاقات الإنسان بقومه متانة ولتشتد رسوخًا وسلامًا وتكاملًا)(3)
وفقنا الله وإياكم أحبتي في إتباع أوامر الله جلَّ أسمه من خلال السير على تعاليم القرآن الكريم والتي تهدف إلى بناء مجتمع يسوده الأمن والسلام والأخلاق والصدق
الأمانة الخاصة لمزار العلوية الطاهرة شريفة بنت الإمام الحسن المجتبى (عليهما السلام)
الكاتب : عباس محسن الخفاجيَّ
قسم الإعلام
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) البقرة: 221.
(2) سورة الإسراء، الآيات: 34-37
(3) ينظر : مركز تفسير للدراسات القرآنية /صالح كامل .