قائمة الأقسام
  • منزلة القرآن العظيم عند أهل بيت النبوة (عليهم السلام)
  • تاريخ الإضافة:04/03/2017
  • المشاهدات:799
  • تم الاضافة بواسطة:ادارة الموقع

منزلة القرآن العظيم عند أهل بيت النبوة (عليهم السلام)

منزلة القرآن العظيم عند أهل بيت النبوة (عليهم السلام)
يُعَد القرآن الكريم من أهم وأعظم وأقدس وأحفظ الكتب السماوية التي نزلت من الله تبارك وتعالى على جميع أنبيائه ورسله ،ويتضح ذلك جَليَاً في قولهِ جلَّ ثناؤه : ( إنَّا نَحنُ نَزلنا الذِكرَ وإنَا له لحافظون ) (1) ، وهذه دلالة واضحة على أنه محفوظ من قبل الحافظ الجليل جلَّ أسمُه ، فقد جاء في تفسير الأمثل عندما يصل إلى هذه الآية المباركة يقول :  ( بعد أن استعرضت الآيات السابقة تحجج الكفار واستهزاءهم بالنّبي (صلى الله عليه وآله وسلم)والقرآن، تأتي هذه الآية المباركة لتواسي قلب النّبي (صلى الله عليه وآله وسلم) من جهة ولتطمئن قلوب المؤمنين المخلصين من جهة أُخرى، من خلال طرح مسألة حيوية ذات أهمية بالغة لحياة الرسالة، ألا وهي.. حفظ القرآن من أيادي التلاعب والتحريف (إِنا نحن نزلنا الذكر وإِنا له لحافظون).. فبناء هذا القرآن مستحكم وشمس وجوده لا يغطيها غبار الضلال، ومصباح هديه أبدي الإِنارة، ولو اتحد أعتى جبابرة التاريخ وطغاته وحكامه الظلمة، محفوفين بعلماء السوء، ومزودين بأقوى الجيوش عدّة وعتاداً، على أن يخمدوا نور القرآن، فلن يستطيعوا، لأنّ الحكيم الجبار سبحانه تعهد بحفظه وصيانته) (2).
وقد اختلف المفسّرون في دلالة (حفظ القرآن) في هذه الآية المباركة:
1 ـ قال بعضهم: الحفظ من التحريف والتغيير، والزيادة والنقصان.
2 ـ وقال البعض الآخر: حفظ القرآن من الضياع والفناء إِلى يوم قيام الساعة.
3 ـ وقال غيرهم: حفظه أمام المعتقدات المضلة المخالفة له.
بما أنّه لا يوجد أي تضاد بين هذه التفاسير وتدخل ضمن المفهوم العام لعبارة (إِنّا له لحافظون) فلا داعي لحصر مصاديقها في بُعد واحد، خصوصاً وإِن «لحافظون» ذُكرت بصيغة مطلقة وليس هناك ما يخصصها.
والصحيح، وفقاً لظاهر الآية المذكورة، أنّ اللّه تعالى وعد بحفظ القرآن من جميع النواحي: من التحريف، من التلف والضياع، ومن سفسطات الأعداء المزاجية ووساوسهم الشيطانية.
أمّا ما احتمله بعض قدماء المفسّرين بأنّه الحفظ على شخص النّبي (صلى الله عليه وآله وسلم)باعتبار أن ضمير «له» في الآية يعود إِلى النّبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بدلالة إِطلاق لفظة «الذكر» على شخص النّبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في بعض الآيات(1)، فهو احتمال يتعارض مع سياق الآيات السابقة التي عنت بـ «الذكر» «القرآن»، بالإِضافة إِلى إِشارة الآية المقبلة لهذا المعنى . وهذه أولى المنزلات العظيمة التي خص الله تبارك وتعالى القرآن الكريم.
فضل القرآن عن الرسول الأكرم محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) :
ورد في فضل القرآن الكريم العديد من الأحاديث النبوية الشريفة التي تبين منزلة القرآن وعظمته ومنها :
 ما رواه أنس عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ( إن لله تعالى أهلين من الناس . قالوا : يا رسول الله من هم ؟ قال : هم أهل القران أهل الله وخاصته )(3) .
 (حديث أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ( اقرؤوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعاً لأصحابه ) (4).
حديث جابر رضي الله عنه كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم :( كان يجمع بين الرجلين من قتلى أحد في ثوب واحد ثم يقول : أيهم أكثر أخذاً للقرآن ؟ فإذا أشير إلى أحدهما قدمه في اللحد )(5).
نزول الملائكة والسكينة والرحمة للقرآن وأهله :   
ومن المنزلة الرفيعة التي خص بها الله تعالى أهل القرآن العظيم هو نزول الملائكة والسكينة حيث جاء في الحديث الشريف عن سيد الأنبياء والمرسلين حديثٌ يبين هذه المنزلة فقد روى
أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال ( ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه فيما بينهم إلا نزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمة وحفتهم الملائكة وذكرهم الله فيمن عنده )(6) . ( يتلون كتاب الله ويتدارسونه ) أي تعاهدونه خوف النسيان .
مضاعفة ثواب قراءة الحرف الواحد من القرآن أضعافاً كثيرة :
كذلك من فضل القرآن الكريم عند الله جلَّ ثناؤهُ هي مضاعفة الأجر والثواب للذي يتلو آياته المباركة بتمعن وتدبر فقد جاء في الحديث الذي يرويه
عبد الله بن مسعود رضي الله عن الحبيب المصطفى  قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ( من قرأ حرفاً من كتاب الله فله به حسنة ، والحسنة بعشر أمثالها لا أقول (الم) حرف ولكن : ألف حرف ولام حرف ، وميم حرف ) (7).
وكذلك  جاء في حديث عن أمير المؤمنين وسيد البلغاء والمتكلمين علي بن أبي طالب )عليه السلام( : (( البيت الذي يُقرأ فيه القرآن ويُذكر الله عز وجل فيه ، تكثر بركته ، وتحضره الملائكة ، وتهجره الشياطين ، ويضيء لأهل السماء كما تضيء الكواكب لأهل الأرض ، وإن البيت الذي لا يُقرأ فيه القرآن ولا يُذكر الله عز وجل فيه ، تقل بركته وتهجره الملائكة ، وتحضره الشياطين)
قال أيضاً  (عليه السلام)  :(واعلموا أَن هذا القرآن هو الناصح الذي لا يَغُشُّ ، والهادي الذي لا يُضِلُّ ، والمحدّث الذي لا يَكذبُ ، وما جالس القرآنَ أَحدٌ إِلا قام عنه بزيادة أَو نقصان :زيادة في هدى ، أَو نقصان من عمىً واعلموا أَنه ليس على أَحد بعد القرآن من فاقة ، ولا لاَحد قبل القرآن من غنى ، فاستشفوه من أَدوائكم ، واستعينوا به على لاوائكُم فَإِنّ فيه شِفاءاً من أَكبر الداءِ : وهو الكفر والنفاق والغيّ والضلال ، فأسأَلوا اللهَ به ، وتوجّهوا إِليه بحبّه ، ولا تسأَلوا به خَلقه ، إِنه ما توجه العباد إِلى الله تعالى بمثله.
واعلموا أَنه شافع مُشفَّع ، وقائلٌ مُصَدَّقٌ وأَنه من شَفَع له القرآن يوم القيامة شُفِّع فيه ، ومن مَحَل به القرآنُ يوم القيامة صُدّقَ عليه ، فإِنه ينادي مناد يوم القيامة : «أَلا إِنَّ كلَّ حادث مُبتلى في حرثه وعاقِبَةُ عمله ، غير حَرَثَةِ القرآن فكونوا من حَرَثَته وأَتْباعه.
واستدلَّوه على ربكم ، واستنصحوه على أَنفسكم واتهمُوا عليه آراءَكم ، واستغِشوا فيه أَهواءَكم) (8)
ومن خلال ما تقدم ذكره يتضح لنا  جليَّا المنزلة الكبيرة للقرآن العظيم ، اللهم أجعلنا من أهل القرآن ووفقنا لتلاوته وفهم أحكامه ومن العاملين بأوامره .
 الكاتب : عباس محسن الخفاجي
الأمانة الخاصة لمزار العلوية شريفة بنت الحسن المجتبى (عليه السلام)
قسم الأعلام










ــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) سورة الحجر : 9
(2) تفسير الأمثل : ج5/ ص 24.
(3) صحيح الجامع : رقم الحديث:  2165  
(4) رواه مسلم : رقم الحديث : 804
(5)  صحيح البخاري : كتاب الجنائز / رقم الحديث : 1283.
(6) سنن أبي داود:  كتاب الصلاة /  باب في ثواب قراءة القرآن/ رقم الحديث : 1455.
(7) صحيح الجامع / رقم الحديث : 6469
(8) شرح نهج البلاغة / أبن أبي الحديد المعتزليَّ، الخطبة رقم 176.


التالي السابق