قائمة الأقسام
  • الناسخ والمنسوخ وأثرهما في القرآن العظيم
  • تاريخ الإضافة:22/02/2017
  • المشاهدات:593
  • تم الاضافة بواسطة:ادارة الموقع

الناسخ والمنسوخ وأثرهما في القرآن العظيم

 الناسخ والمنسوخ وأثرهما  في القرآن العظيم
 يُعد عِلمُ الناسخ والمنسوخ من أهم علوم القرآن الكريم  شأنهُ شأن المُحكم والمُتشابه وغيرها من علوم القرآن الأخرى ، وتأتي أهميتهُ من خلال ما يُظهرهُ من معرفة الأحكام الشرعية  . وللوقوف على معرفة معنى النسخ لابد لنا أن نفهم معنى النسخ لغةً واصطلاحًا وهذا ما سنُبينهُ لكم  :
النسخُ لُغةً :
فقد وَردَ في معجم الصحاح للجوهري بقوله : (نَسخت الشمس الظل وانتسخته : أزالته ونسخت الريح آثار الدار : غيرتها ونسختُ الكتاب وانتسختُه واستنسختُه كله بمعنى. والنسخة بالضم : اسم المنتسخ منه ، ونسخ الآية بالآية إزالة مثل حكمها ، فالثانية ناسخة والأولى منسوخة ، والتناسخ في الميراث : أن يموت ورثة بعد ورثة ، وأصل الميراث قائم لم يقسم)(1).
وقال ابنُ فارس في معجم مقاييس اللغة :( النون والسين والخاء أصل واحد إلا أنه مختلف في قياسه . قال قوم : قياسه رفعُ شيء وإثبات غيره  مكانه)(2).
وقال آخرون : قياسه تحويل شيء إلى شيء : قالوا : النسخ : نسخ الكتاب والنسخ : أمر كان يعمل به من قبل ثم ينسخ بحادث غيره كالآية ينزل فيها أمر ثم تنسخ بآية أخرى . وكل شيء خلف شيئا فقد انتسخه وانتسخت الشمس الظل والشيب الشباب . وتناسخ الورثة : أن يموت ورثة بعد ورثة وأصل الإرث قائم لم يقسم ، ومنه تناسخ الأزمنة والقرون .
وجاء في المعجم الوسيط الذي وضعه مجمع اللغة العربية بالقاهرة في مادة نسخ : (نسخ الشيء نسخا أزاله يقال : نسخت الريح آثار الديار ونسخت الشمس الظل ونسخ الشيب الشباب . ويقال : نسخ الله الآية : أزال حكمها وفي التنزيل العزيز  مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا  ويقال : نسخ الحاكم الحكم أو القانون : أبطله . والكتاب : نقله وكتبه حرفا بحرف)(3).
وجاء في المصباح المنير للمقري الفيومي في مادة نسخ . قوله :( نسخت الكتاب نسخا من باب نفع : نقلته ، وانتسخته كذلك ، ثم نقل عن ابن فارس قوله المتقدم : إن كل شيء خلف شيئا فقد انتسخه . إلى أن قال المقري : و( النسخ ) الشرعي إزالة ما كان ثابتا بنص شرعي ، ويكون في اللفظ والحكم وفي أحدهما ، سواء فُعل كما في أكثر الأحكام أو لم يُفعل كنسخ ذبح إسماعيل بالفداء ؛ لأن الخليل عليه السلام أمر بذبحه ثم ( نسخ ) قبل وقوع الفعل )(4).  
أمّا النسخ اصطلاحاً :
فأفضلُ من عَرفهُ وأضح مَعناهُ هو المرجع الديني الكبير سماحة السيد أبو الخوئيَّ (رَحمهُ الله تعالى وقدس سرهُ الشريف ) في تفسيره المعروف: بالبيان في تفسير القرآن حيث قال في تعريفهِ للنسخِ : (هو رفعُ أمر ثابت في الشريعة المقدسة بارتفاع أمده وزمانه، سواء أكان ذلك الأمر المرتفع من الأحكام التكليفية أم الوضعية، وسواء أكان من المناصب الإلهية أم من غيرها من الأمور التي ترجع إلى الله تعالى بما أنه شارع)(5). ومن هنا نصل إلى المعرفة  الكاملة والواضحة لمعنى النسخ .
أين يكون النسخ ؟  وما هي أنواعهُ ؟
 وقد أكد أغلب المفسرين أن مجال النسخ  يكون في الأوامر والنواهي الشرعية
ومثال ذلك ومثاله نَسْخُ قوله تعالى:( يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِن نَّفْعِهِمَا وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ كَذَلِكَ يُبيِّنُ اللّهُ لَكُمُ الآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ ) (6) فقد نسختها آية  (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)(7) وهذا النوع من النسخ جائز بالاتفاق. فحسب، أما الاعتقادات والأخلاق وأصول العبادات والأخبار الصريحة التي ليس فيها معنى الأمر والنهي، فلا يدخلها النسخ . وقد حدَّد المفسرون وأهل العلم طرقًا يُعرف بها الناسخ والمنسوخ، منها: النقل الصريح عن النبي صلى الله عليه وآله  وسلم،  فمن أمثلة ما نُقل عنه في حديثٍ يرويه  محمد بن بشار ومحمود بن غيلان والحسن بن علي الخلال قالوا حدثنا أبو عاصم النبيل حدثنا سفيان عن علقمة بن مرثد عن سليمان بن بريدة عن أبيه قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)  ( قد كنت نهيتكم عن زيارة القبور فقد أذن لمحمد في زيارة قبر أمه فزوروها فإنها تذكر الآخرة)(8) .من طُرق النسخ أيضًا إجماع الأمة، ومعرفة تاريخ الحكم المتقدم من المتأخر.

والنسخ على أنواع، فمنها نسخ القرآن بالقرآن، ومنها نَسْخُ السنة بالقرآن، كنسخ التوجُّه إلى قبلة بيت المقدس، الذي كان ثابتًا بالسنة بقوله تعالى: (قَدْ نَرَىٰ تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ ۖ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا ۚ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ ۚ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ ۗ وَإِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ ۗ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ)(9)
ويأتي النسخ في القرآن على ثلاثة أنحاء:
الأول: نسخ التلاوة والحكم معًا.
الثاني: نسخ الحكم وبقاء التلاوة.
الثالث: نسخ التلاوة مع بقاء الحكم .
ومن خلال قد ذكرناه يتضح لنا جليَّا أهمية ومعنا النسخ
ومن حكم النسخ أيضًا ابتلاء المكلفين واختبارهم بالامتثال إلى أوامر الله تبارك وتعالى من عدمه، ومنها كذلك إرادة الخير والصلاح لهذا المجتمع الاسلامي والتيسير عليها، لأن النسخ إن كان إلى أشق ففيه زيادة الثواب والأجر، وإن كان إلى أخف ففيه سهولة ويسر. جعلنا  الله وإياكم من السائرين على نهج القرآن ومن المتبعين والملتزمين بأوامره المقدسة.

الكاتب عباس محسن الخفاجي
الامانة الخاصة لمزار العلوية شريفة بنت الامام الحسن (عليهما السلام)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) معجم الصحاح 1/ 433.
(2) معجم مقاييس اللغة: 211
(3) المعجم الوسيط :345.
(4) المصباح المنير : 212
(5) البيان في تفسير القرآن:  277.
(6) البقرة : 219 .
(7) المائدة: 90.
(8) سنن الترمذيّ /كتاب الجنائز باب ما جاء في الرخصة في زيارة القبور/ رقم الحديث:
    (1054 ).
(9) البقرة : 144.


التالي السابق