قائمة الأقسام
  • طفلٌ عطشان سقتهُ السهام
  • تاريخ الإضافة:07/10/2017
  • المشاهدات:1870
  • تم الاضافة بواسطة:ادارة الموقع

طفلٌ عطشان سقتهُ السهام

من مصائب يوم عاشوراء العظيمة التي حلت بالبيت الحسينيَّ والتي أقترفها الظلمة من جلاوزة يزيد بن معاوية عليهم اللعنة هي الجريمة الكبرى في حق الطفل الرضيع : ( عبد الله بن الإمام الحسين (عليه السلام) حيث تؤكد أغلب المصادر التأريخية أنه عندما عاد الإمام الحسين ( عليه السلام ) إلى المخيم يوم عاشوراء وهو منحني الظهر ، وإذا بعقيلة بني هاشم زينب الكبرى ( عليها السلام ) استقبلَتهُ بِعبدِ الله الرضيع ( عليه السلام ) قائلةً : أخي ، يا أبا عبد الله ، هذا الطفل قد جفَّ حليب أُمِّه ، فاذهب به إلى القوم ، لعَلَّهُم يسقوه قليلاً من الماء.( فخرج الإمام الحسين ( عليه السلام( إليهم ، وكان من عادته إذا خرج إلى الحرب ركب ذا الجناح ، وإذا توجه إلى الخطاب كان يركب الناقة . ولكن في هذه المَرَّة خرج راجلاً يحمل الطفل الرضيع ( عليها السلام ) ، وكان يظلله من حرارة الشمس . فصاح : أيها الناس ، فَاشْرَأَبَّتْ الأعناق نحوه ، فقال ( عليه السلام أيُّها الناس ، إن كان ذنب للكبار فما ذنب الصغار.
فاختلف القوم فيما بينهم ، فمنهم من قال : لا تسقوه ، ومنهم منقال : أُسقوه ، ومنهم من قال : لا تُبقُوا لأهل هذا البيت باقية. عندها التفت عُمَر بن سعد إلى حرملة بن كاهل الأسدي ( لعنهم الله ) وقال له :يا حرملة ، إقطع نزاع القوم. يقول حرملة : فهمت كلام الأمير ، فَسَدَّدتُ السهم في كبد القوس ،وصرت أنتظر أين أرميه.
فبينما أنا كذلك إذ لاحت مني التفاتة إلى رقبة الطفل ،وهي تلمع على عضد أبيه الحسين ( عليه السلام ) كأنها إبريق فِضَّة . فعندها رميتُهُ بالسهم ، فلما وصل إليه السهم ذبحه من الوريد إلى الوريد ، وكان الرضيع مغمىً عليه من شدة الظمأ ، فلما أحس بحرارة السهم رفع يديه من تحت قِماطِهِ واعتنق أباه الحسين ( عليه السلام ) ، وصار يرفرف بين يديه كالطير المذبوح ، فَيَالَهَا من مصيبة عظيمة . وعندئذٍ وضع الحسين ( عليه السلام ) يده تحت نَحرِ الرضيع حتى امتلأت دماً ، ورمى بها نحو السماء قائلا: اللَّهم لا يَكُن عليك أَهْوَنُ مِن فَصِيلِ نَاقةِ صَالح ، فعندها لم تقع قطرة واحدة من تلك الدماء المباركة إلى الأرض، ثم عاد به الحسين ( عليه السلام ) إلى المخيم. فاستقبلَتهُ سُكينة وقالت : أَبَة يا حسين ، لعلَّك سقيتَ عبدَ الله ماءً وأتيتنا بالبقية؟قال ( عليهالسلام ) : بُنَي سكينة ، هذا أخوكِ مذبوحٌ من الوريد إلى الوريد .
رُوِيَ أنَّهُ لما فُجع الحسين ( عليه السَّلام ) بأهل بيته و ولده ولم يبق غيره و غير النساء و الذراري نادى ـ أي الإمام الحسين ( عليه السَّلام ) ـ : " هَلْ مِنْ ذَابٍّ يَذُبُّ عَنْ حَرَمِ رَسُولِ اللَّهِ ؟
هَلْ مِنْ مُوَحِّدٍ يَخَافُ اللَّهَ فِينَا ؟
هَلْ مِنْ مُغِيثٍ يَرْجُو اللَّهَ فِي إِغَاثَتِنَا؟
وَ ارْتَفَعَتْ أَصْوَاتُ النِّسَاءِ بِالْعَوِيلِ.
فَتَقَدَّمَ ( عليها السَّلام ) إِلَى بَابِ الْخَيْمَةِ ، فَقَالَ : " نَاوِلُونِي عَلِيّاً ، ابْنِيَ الطِّفْلَ حَتَّى أُوَدِّعَهُ " فَنَاوَلُوهُ الصَّبِيَّ.
و قال المفيد دعا ابنه عبد الله .قالوا : فجعل يقبله و هو يقول : " وَيْلٌ لِهَؤُلَاءِ الْقَوْمِ إِذَا كَانَ جَدُّكَ مُحَمَّدٌ الْمُصْطَفَى خَصْمَهُمْ" .و الصبي في حجره إذرماه حرملة بن كاهل الأسدي بسهم فذبحه في حجر الحسين ، فتلقى الحسين دمه حتى امتلأتكفه ، ثم رمى به إلى السماء .و قال السيد: ثم قال : " هَوَّنَ عَلَيَّ مَا نَزَلَ بِي أَنَّهُ بِعَيْنِ اللَّهِ" .
قَالَ الْبَاقِرُ ( عليه السَّلام: " فَلَمْ يَسْقُطْ مِنْ ذَلِكَ الدَّمِ قَطْرَةٌ إِلَى الْأَرْضِ.
لقد تذكر حرملة (عليه اللعنه) أنه حينما إستهدف عبد الله الرضيع بنبله المسموم ذي ثلاث شعب فذبحه من الوريد الى الوريد وهو على يدي أبيه سيد الشهداء وسبط الرسول ، حفر والده الإمام الحسين (ع) بغلاف سيفه قبرا صغيرا خلف الخيمة ودفن جثمانه الصغير ، فذهب إلى محل الدفن وحفر القبر و إستخرج جثة عبد الله الرضيع (ع) وقطع رأسه بخنجره وأتى به إلى تلك القبيلة الفاقدة للرأس، فعلقوا رأس عبد الله عليه السلام فوق الرمح، ولأن الرأس كان صغيرا، والرمح أكبر منه، ولم يقف على الرمح، ربطوه بالحبال إلى أن إنتصب على الرمح، و أمه الرباب تنظر إليه.. وهكذا رفع وقطع نزاع القوم، كما رفعه من قبل حينما طلب الإمام له ماءا، فحصلت بلبلة وهمهمة بين القوم، ولكنه قطع ذلك النزاع، بسهم ذو ثلاث شعب ذبحه من الوريد إلى الوريد
قال الشاعر:
لا ضـيـر فــي قـتل …الـرجال وإنما قتل الرضيع به الضمير يضام
طـلب الـحسين الماء يسقي طفله فـإستقبلته مـن الـعداة …سـهام
السلام على الطفل الرضيع المقتول بلا ذنب عطشانا السلام عليك يا من عشقت الشهادة وأنت طفل رضيع السلام على المحروم من قطرات الماء ظلماً السلام عليك وعلى أمك وابيك وجدك ورحمة الله وبركاته.
................................................
الأمانة الخاصة لمرقد العلوية الطاهرة شريفة بنت الإمام الحسن المجتبى (عليهما السلام)
الكاتب : عباس محسن الخفاجيَّ
المعاون الثقافي


التالي السابق