فضل طالب العلم... في نظر المعلم الأول الرسول محمد(صلى الله عليه واله وسلم)
تعد السيرة النبوية الصحيحة هي المصدر الثاني للتشريع بعد القرآن الكريم وأكد ذلك الله تبارك شأنهُ في مواضع عديدة منها قوله :( وَمَا آَتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) (1) ، وهنا دلالة واضحة بأسلوب الأمر للناس أجمعين بالعمل بأوامر رسول الله والامتثال لها وترك ما ينهانا عنه لأن في ذلك صلاح الأمة الإسلامية جمعاء .
ومن أهم ما أمرنا النبي الأكرم هو السعي لطلب العلم لما فيه من نجاة وفضيلة وبين ذلك من خلال أحاديثه المباركة إذ قال في فضل الجلوس في مجلس العلم :
( عن عبد الله بن عمرو إن رسول الله مَرّ بمجلسين في مسجده أحدُ المجلسين يدعون الله ويرغبون إليه والآخر يتعلمون الفقه ويُعلمونهُ فقال رسول الله (ص) كلا المجلسين على خير ، أحدهما أفضل من الآخر صاحبه أمّا هؤلاء فيدعون الله ويرغبون إليه فإن شاء أعطاهم وإن شاء منعهم ، وأمّا هؤلاء فيتعلمون ويُعلمون الجاهل وإنما بُعثت معلمًا ثم أقبل فجلس معهم )(1)
وينقسم تفضيل الرسول الأكرم في فضيلة طلب العلم إلى عدة محاور
المحور الأول أهمية الخروج لطلب العلم:
يعتبر الخروج لطلب العلم خروجًا مباركًا وعظيمًا وله ثواب وأجرٌ كريم وهذا ما أشار إليه في قوله: ( من خرج من بيته ليلتمس بابًا من العلم كتب الله له بكل قدمٍ ثواب نبي من الأنبياء وأعطاه الله بكل حرفٍ يسع أو يكتب مدينة في الجنة )(2)
كذلك قال : ( من خرج في طلب العلم كان في سبيل الله حتى يرجع )(3) ، ومن خلال سياق الحديثين الشريفين يبين لنا الرسول أهمية الخروج لطلب العلم فمرة أعطاه ثواب الأنبياء ومرة أخرى يعطى أجر المجاهد في سبيل الله وكلٌ منهما عظيم.
المحور الثاني : فضل أهل العلم ومنزلتهم عند الموت
وهنا يبين الرسول الكريم (محمد) لنا أهمية ومنزلة من يدركه الآجل وهو قول : (إذَا جَاءَ الْمَوْتُ طَالِبَ الْعِلْمِ وَهُوَ عَلَى تِلْكَ الْحَالِ مَاتَ شَهِيدًا )(4) وقال أيضًا : (من جاءه أجله وهو يطلب العلم لقي الله ولم يكن بينه وبين النبيين إلا درجة النبوة).
المحور الثالث : طلاب العلم يحظون بحب الله تبارك وتعالى :
نص رسول الله على ذلك في ثلاثة نصوص قال : ( طالب العلم حبيب الله )
وقال ( طالب العلم أحبه الله وأحبه الملائكة ) وقال : ( طالب العلم محفوف بعناية الله ) حكم النبي الأعظم (محمد الري الشهري )
المحور الرابع : أهل العلم هم عتقاء الله من النار :
ورد في ذلك حديث نبوي شريف ينص على ذلك :( مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى عُتَقَاءِ اللَّهِ مِنَ النَّارِ ، فَلْيَنْظُرْ إِلَى الْمُتَعَلِّمِينَ ، فَوَ الَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ ، مَا مِنْ مُتَعَلِّمٍ يَخْتَلِفُ إِلَى بَابِ الْعَالِمِ إِلَّا كَتَبَ اللَّهُ لَهُ بِكُلِّ حَرْفٍ وَبِكُلِّ قَدَمٍ ، عِبَادَةَ سَنَةٍ ، وَبَنَى لَهُ بِكُلِّ قَدَمٍ مَدِينَةً فِي الْجَنَّةِ ، وَيَمْشِي عَلَى الْأَرْضِ وَالْأَرْضُ تَسْتَغْفِرُ لَهُ ، وَيُمْسِي وَيُصْبِحُ مَغْفُورًا لَهُ ، وَشَهِدَتْ لَهُ الْمَلَائِكَةُ وَيَقُولُونَ هَؤُلَاءِ عُتَقَاءُ اللَّهِ مِنَ النَّارِ )(5). وفي هذا الحديث الشريف أعطى رسول الرحمة منزلة أخرى لهم حتى بعد موتهم وهي العتق من النار وغفران الذنب ومن خلال هذه المحاور يتبلور لنا فضلُ أهل العلم ومنزلتهم لذلك علينا أن نعرج على مسألةً مهمة وهي ما هي حقوق أهل العلم علينا ؟ وجواب ذلك هو أن نحترم أهل العلم حيّهم وميتهم حاضرهم وغائبهم لأنهم هم الذين يسيرون الناس إلى بر الأمان وينقذونهم من الضياع ، وخير دليل في عصرنا الحديث هي الفتوى المباركة للمرجع الديني الأعلى الإمام السيد علي الحسيني السيستاني (حفظه الله تعالى وأمد بعمره الشريف ) التي أنقذت البلاد من الضياع وحفظت الأعراض وصانت المقدسات وهذا يعود فضله كله إلى الدور الكبير والرائد للمرجعية الرشيدة وهنا تميز دور العلماء الأعلام العاملين فلولاها لكانت النتيجة هي ضياع كل شيء. اللهم أحفظ وسدد مراجعنا العظام وأجعلنا ممن يعملون بأوامرهم .
الكاتب عباس محسن الخفاجي
الامانة الخاصة لمزار العلوية شريفة بنت الامام الحسن (عليهما السلام)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) سورة الحشر/7 .
(2) سنن النسائي ج1، ص451.
(3) صحيح مسلم /ج1باب العلم ص322.
(4) صحيح البخاري /ج3/ص422.
(5)مسند أحمد بن حنبل /ج4/ص444.