كيف أصبحت سدرة المنتهى... تُظلُ قَبر الحسين (عليه السلام) ؟
تُعد سدرة المنتهى من أعظم وأجمل اشجار الجنة ، وتبرز أهميتها من خلال ما ذَكر في حقها الله جلّ ثناؤه في كتابه العظيم حيث قال :(وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى(13)عِندَ سِدْرَةِ الْمُنتَهَى(14)عِندَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى(15)إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى(16)مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى )(1). و هذه دلالةٌ واضحة على المنزلةِ الرفيعة لهذه الشجرة المباركة ، وكذلك اكتسبت أهميةً أخرى من قبل رسول الرحمة والإنسانية محمد (صلى الله عليه وآله وسلم ) فهو ببلوغهِ إليها أصبحت أعظم منزلةً وأرفع شأناً لأن الذي بلغها هو سيد الأولين والآخرين . وقال في وصفها :( لمّا أسري برسول الله ، انتهى به إلى سدرة المنتهى ؛ وهي في السماء السادسة، وإليها ينتهي ما عرج به من تحتها، وإليها ينتهي ما أهبط به من فوقها، حتى يقبض منها. قال : {إذ يغشى السدرة ما يغشى} قال : فراش من ذهب. فأعطي ثلاثا، الصلوات الخمس، وخواتيم سورة البقرة، ويغفر لمن مات من أمته، لا يشرك بالله شيئا المقحمات" (2).
ويخرج من ساقها أنهار عظيمة لذيذة المذاق ، لما ذكر في الحديث: «وَرُفِعَت لي سِدْرَة المُنتَهى فَإذا نَبِقُهَا كَأنه قِلَالُ هَجَرَ وورقُهَا كَأنه آذَان الْفُيُولِ في أَصلها أَربعة أَنهار نهرانِ باطِنَانِ ونهرانِ ظَاهِرانِ فَسَأَلْتُ جِبْرِيلَ فَقَالَ: أَما الباطِنَانِ فَفي الْجنَة وَأَما الظاهرانِ النيلُ والْفُرَات )(3). وهذا وصفٌ دقيق لِما منحه الله جل ثناؤه لهذه الشجرة المباركة وميزها من غيرها .
ولربمّا سائلٌ يسأل لِمْا هذه التسمية ؟ وجواب ذلك ما رواه الربيع بن أنس: " سميت سدرة المنتهى لأنه ينتهي إليها أرواح الشهداء" ، و هنا تكمن العلاقة الوثيقة بينها وبين سيد الشهداء الذي صعدت روحه الطاهرة إليها ، فأصبحت تُظلُ بأوراقها على روحه الزكية ، أمّا في الأرض فشآء الله أن يبقي نور قبره الشريف يشع إلى زائريه فقد أكد جميع المؤرخين أن قبر الحسين كان يُستدل عليه من خلال شجرة السدرة لكن أعداء آل محمد حاول التخلص منها بالسم ، فهذا أبو علي بن الشيخ الطوسي يروي لنا ،: عن يحيى بن المغيرة قال : (كنت عند جرير بن عبد الحميد إذ جاءه رجل من أهل العراق ، فسأله جرير عن خبر الناس ، فقال : تركت الرشيد وقد كرب قبر الحسين ( عليه السلام ) ، وأمر أن تقطع السدرة التي فيه فقطعت ، قال : فرفع جرير يده وقال : الله اكبر ، جاءنا فيه حديث عن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، أنه قال : لعن الله قاطع السدرة ثلاثا ) (4) فلم نقف على معناه حتى الآن ، لان القصد بقطعه هو مسح أي دليل يدل على القبر الطاهر للحسين ( عليه السلام ) ، حتى لا يتمكن المؤمنون من زيارته . لكن مشيئة الله جلّ أسمه أرادت أن يبقى قبره الشريف منارًا تستضيء بنوره البشرية جمعاء وهذا ما تنبأت به عقيلة الطالبيين السيدة زينب (عليها السلام) بقولها مخاطبةً ابن اخيها زين العابدين عليهما السلام:( وَ يَنْصِبُونَ لِهَذَا الطَّفِ عَلَماً لِقَبْرِ أَبِيكَ سَيِّدِ الشُّهَدَاءِ لَا يَدْرُسُ أَثَرُهُ وَ لَا يَعْفُو رَسْمُهُ عَلَى كُرُورِ اللَّيَالِي وَ الْأَيَّامِ وَ لَيَجْتَهِدَنَّ أَئِمَّةُ الْكُفْرِ وَ أَشْيَاعُ الضَّلَالَةِ فِي مَحْوِهِ وَ تَطْمِيسِهِ فَلَا يَزْدَادُ أَثَرُهُ إِلَّا ظُهُوراً وَ أَمْرُهُ إِلَّا عُلُوّا )(5).
وعندما أُعيد بناء الحرم المطهر , والحائر الحسيني المحيط به , سمّوا الباب المُطلة على مكان تلك الشجرة المقطوعة باسمها , وبمثابة إعادة ما طمسهُ أعداء أهل بيت النبوة من المعالم الدينية على أيديّ بني أميّة , و بني العباس , وهي الآن ولله الحمد شامخةً رغم أنوف المتغطرسين والحاقدين . فالسلام على ريحانة الرسول وابن البتول وابن سدرة المنتهى الإمام الحسين .
الكاتب عباس محسن الخفاجي
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) سورة النجم : 14ــ 16.
(2) صحيح النسائي/450 نقلًا عن (موقع الموسوعة الحرة)
(3) رواه البخاري- كتاب بدء الخلق- باب ذكر الملائكة- حديث رقم 2968.
(4) أمالي الشيخ الطوسي ج : 1 ص : 333
(5) كامل الزيارات: ص 262.
كيف أصبحت سدرة المنتهى... تُظلُ قَبر الحسين (عليه السلام) ؟
تُعد سدرة المنتهى من أعظم وأجمل اشجار الجنة ، وتبرز أهميتها من خلال ما ذَكر في حقها الله جلّ ثناؤه في كتابه العظيم حيث قال :(وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى(13)عِندَ سِدْرَةِ الْمُنتَهَى(14)عِندَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى(15)إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى(16)مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى )(1). و هذه دلالةٌ واضحة على المنزلةِ الرفيعة لهذه الشجرة المباركة ، وكذلك اكتسبت أهميةً أخرى من قبل رسول الرحمة والإنسانية محمد (صلى الله عليه وآله وسلم ) فهو ببلوغهِ إليها أصبحت أعظم منزلةً وأرفع شأناً لأن الذي بلغها هو سيد الأولين والآخرين . وقال في وصفها :( لمّا أسري برسول الله ، انتهى به إلى سدرة المنتهى ؛ وهي في السماء السادسة، وإليها ينتهي ما عرج به من تحتها، وإليها ينتهي ما أهبط به من فوقها، حتى يقبض منها. قال : {إذ يغشى السدرة ما يغشى} قال : فراش من ذهب. فأعطي ثلاثا، الصلوات الخمس، وخواتيم سورة البقرة، ويغفر لمن مات من أمته، لا يشرك بالله شيئا المقحمات" (2).
ويخرج من ساقها أنهار عظيمة لذيذة المذاق ، لما ذكر في الحديث: «وَرُفِعَت لي سِدْرَة المُنتَهى فَإذا نَبِقُهَا كَأنه قِلَالُ هَجَرَ وورقُهَا كَأنه آذَان الْفُيُولِ في أَصلها أَربعة أَنهار نهرانِ باطِنَانِ ونهرانِ ظَاهِرانِ فَسَأَلْتُ جِبْرِيلَ فَقَالَ: أَما الباطِنَانِ فَفي الْجنَة وَأَما الظاهرانِ النيلُ والْفُرَات )(3). وهذا وصفٌ دقيق لِما منحه الله جل ثناؤه لهذه الشجرة المباركة وميزها من غيرها .
ولربمّا سائلٌ يسأل لِمْا هذه التسمية ؟ وجواب ذلك ما رواه الربيع بن أنس: " سميت سدرة المنتهى لأنه ينتهي إليها أرواح الشهداء" ، و هنا تكمن العلاقة الوثيقة بينها وبين سيد الشهداء الذي صعدت روحه الطاهرة إليها ، فأصبحت تُظلُ بأوراقها على روحه الزكية ، أمّا في الأرض فشآء الله أن يبقي نور قبره الشريف يشع إلى زائريه فقد أكد جميع المؤرخين أن قبر الحسين كان يُستدل عليه من خلال شجرة السدرة لكن أعداء آل محمد حاول التخلص منها بالسم ، فهذا أبو علي بن الشيخ الطوسي يروي لنا ،: عن يحيى بن المغيرة قال : (كنت عند جرير بن عبد الحميد إذ جاءه رجل من أهل العراق ، فسأله جرير عن خبر الناس ، فقال : تركت الرشيد وقد كرب قبر الحسين ( عليه السلام ) ، وأمر أن تقطع السدرة التي فيه فقطعت ، قال : فرفع جرير يده وقال : الله اكبر ، جاءنا فيه حديث عن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، أنه قال : لعن الله قاطع السدرة ثلاثا ) (4) فلم نقف على معناه حتى الآن ، لان القصد بقطعه هو مسح أي دليل يدل على القبر الطاهر للحسين ( عليه السلام ) ، حتى لا يتمكن المؤمنون من زيارته . لكن مشيئة الله جلّ أسمه أرادت أن يبقى قبره الشريف منارًا تستضيء بنوره البشرية جمعاء وهذا ما تنبأت به عقيلة الطالبيين السيدة زينب (عليها السلام) بقولها مخاطبةً ابن اخيها زين العابدين عليهما السلام:( وَ يَنْصِبُونَ لِهَذَا الطَّفِ عَلَماً لِقَبْرِ أَبِيكَ سَيِّدِ الشُّهَدَاءِ لَا يَدْرُسُ أَثَرُهُ وَ لَا يَعْفُو رَسْمُهُ عَلَى كُرُورِ اللَّيَالِي وَ الْأَيَّامِ وَ لَيَجْتَهِدَنَّ أَئِمَّةُ الْكُفْرِ وَ أَشْيَاعُ الضَّلَالَةِ فِي مَحْوِهِ وَ تَطْمِيسِهِ فَلَا يَزْدَادُ أَثَرُهُ إِلَّا ظُهُوراً وَ أَمْرُهُ إِلَّا عُلُوّا )(5).
وعندما أُعيد بناء الحرم المطهر , والحائر الحسيني المحيط به , سمّوا الباب المُطلة على مكان تلك الشجرة المقطوعة باسمها , وبمثابة إعادة ما طمسهُ أعداء أهل بيت النبوة من المعالم الدينية على أيديّ بني أميّة , و بني العباس , وهي الآن ولله الحمد شامخةً رغم أنوف المتغطرسين والحاقدين . فالسلام على ريحانة الرسول وابن البتول وابن سدرة المنتهى الإمام الحسين .
الكاتب عباس محسن الخفاجي
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) سورة النجم : 14ــ 16.
(2) صحيح النسائي/450 نقلًا عن (موقع الموسوعة الحرة)
(3) رواه البخاري- كتاب بدء الخلق- باب ذكر الملائكة- حديث رقم 2968.
(4) أمالي الشيخ الطوسي ج : 1 ص : 333
(5) كامل الزيارات: ص 262.