هذا اليوم هو أوّل أيّام شهر الحزن والألم لآل محمّد صلّى الله عليه وآله، وهو يومٌ كئيب عند جميع الأنبياء والأولياء والملائكة، وجميع محبّي أهل البيت عليهم السلام، بل هو يوم حزن جميع العوالم، لماذا؟
قيل للإمام جعفر الصادق عليه السلام: سيدي جُعِلتُ فداك، إنّ الميّت يجلسون له بالنياحة بعد موته أو قتله، وأراكم تجلسون أنتم وشيعتكم من أوّل الشهر بالمأتم والعزاء على الحسين عليه السلام! فقال عليه السلام: «يا هذا، إذا هلّ هلال المحرّم نشرت الملائكة ثوب الحسين عليه السلام وهو مُخرَّقٌ مِن ضرب السيوف! ومُلطَّخ بالدماء! فنراه نحن وشيعتُنا بالبصيرة لا بالبصر، فتنفجر دموعُنا» (ثمرات الأعواد، للسيّد عليّ بن الحسين الهاشمي 1: 36 - 37).
وكتب المحدّث الشيخ عبّاس القمّيّ في (مفاتيح الجنان: 286 - 2877): إعلم أنّ هذا الشهر هو شهرُ حزنِ أهلِ البيت عليهم السلام وشيعتهم، فعن الإمام الرضا عليه السلام أنّه قال: «كان أبي (أي الإمام الكاظم) صلوات الله عليه إذا دخل شهرُ المحرّم لا يُرى ضاحكاً، وكانت كآبته تَغلِب عليه، حتّى يَمضيَ منه عشرةُ أيّام، فإذا كان اليومُ العاشر كان ذلك يومَ مصيبته وحزنه وبكائه، ويقول: هذا اليومُ الذي قُتل فيه الحسين صلّى الله عليه!» (أمالي الصدوق: 111 / ح 2 - المجلس 27 - عنه: بحار الأنوار للشيخ المجلسيّ 44: 284 / ح 17).
وروى الريّان بن شبيب قائلاً: دخلتُ على الرضا عليه السلام في أوّلِ يومٍ من المحرّم فقال لي:
«.. يا ابنَ شَبيب، إنّ المحرّم هو الشهر الذي كان أهل الجاهليّة - فيما مضى - يحرّمون فيه الظُّلمَ والقتال لحُرمته، فما عَرَفَت هذه الأُمّة حرمة شهرها، ولا حرمةَ نبيّها! لقد قتلوا في هذا الشهر ذُرّيّتَه، وسَبَوا نساءه، وانتهبوا ثِقلَه، فلا غفر الله لهم ذلك أبداً!
يا ابنَ شبيب، إن كنتَ باكياً لشيءٍ فابكِ للحسين بن عليّ عليهما السلام...
يا ابنَ شبيب، إن سَرَّك أن تلقى اللهَ عزّ وجلّ ولا ذنبَ عليك فَزُرِ الحسين عليه السلام.
يا ابنَ شبيب، إن سَرّك أن تسكنَ الغُرف المبنيّة في الجنّة مع النبيّ صلّى الله عليه وآله فالعَنْ قَتَلةَ الحسين...
يا ابنَ شبيب، إن سَرّك أن تكون معنا في الدرجات العُلى من الجِنان فاحزَنْ لحزنِنا، وافرحْ لفرحنا، وعليك بولايتنا..» (عيون أخبار الرضا عليه السلام، للصدوق 1: 299 / ح 58.
لله درُّ الشاعر حين قال :
شهر الحسين أقبلا
هبّت به ريح البلا
فلنرتدي إحرامنا
للحج نحو كربلا
هذا ( محرم ) صار في الأجواء
فإستقبلوه بعبرة وبكاء
وتذكروا فيه الحسين وأهله
وإستذكروا أحزان عاشوراء
هذه أيام عاشوراء قد إتت .. عاشوراء العبرة والعبرة ، عاشوراء القيم الحرة ، عاشوراء الصمود والثورة ..
فهنيئاً لمن أحياها بعبرتها وعبرتها ، وبأهدافها وقيمها ، وبروحها ومضامينها ، التي إستشهد الحسين (عليه السلام ) من أجل ترسيخها وتثبيتها ، ولسان حاله يقول : إلهي إن كان هذا يرضيك ، فخذ حتى ترضى .
..............................................
الأمانة الخاصة لمرقد العلوية شريفة بنت الإمام الحسن المجتبى(عليهما السلام)
الكاتب : عباس محسن الخفاجي
المعاون الثقافيَّ