هدية من الفيض الإلهي يهبط بها جبرائيل مبلغاً بها رسول الرحمة محمد (صلى الله عليه وآله وسلم ) سبطه الأول الأمام الحسن بن علي بن ابي طالب (صلوات الله عليهم اجمعين) في النصف من الشهر الفضيل رمضان المبارك
في السنة الثالثة من الهجرة النبوية في المدينة المنورة .
وبهذه المناسبة نرفع أسمى آيات التهاني والتبريكات إلى مقام صاحب العصر والزمان الإمام المهدي (عجل الله تعالى فرجه الشريف ) كما نرفع أسمى آيات التبريكات إلى سيدتنا ومولاتنا السيدة شريفة بنت الإمام الحسن المجتبى (عليها السلام) .
أحبتي المؤمنين الأكارم اليوم ترسي سفينتنا عند مرفىء الكرم والجود والطهارة والورع عند حجة من حجج الله الكبرى في أرضه ألا وهو الإمام السبط الحسن المجتبى (صلوات ربي وسلامه عليه) ، وسوف نتعرض إلى جزء من حياته المباركة فإذا أتينا إلى ألقابه(عليه السلام) فهي:
المجتبى، التقي، الزكي، السبط، الطيّب، السيّد، الولي... وأشهرها المجتبى.
ولايخفى على أحد أنه ولد في حجر النبوة عند سيدة نساء العالمين من الأولين والآخرين
السيّدة فاطمة الزهراء(عليها السلام) بنت رسول الله(صلى الله عليه وآله)
، وزوجته السيّدة خولة بنت منظور الفزارية، وله زوجات أُخر.
مدّة عمره(عليه السلام) وإمامته
عمره 47 سنة، وإمامته 10 سنوات.
شباهته برسول الله(صلى الله عليه وآله(
قال أنس بن مالك: لم يكن أحدٌ أشبه برسول الله(صلى الله عليه وآله) من الحسن بن علي وفاطمة(عليهم السلام)(1(
وكانت السيّدة فاطمة الزهراء(عليها السلام) ترقّصه وتقول:
أشبه أباك يا حسن ** *واخلع عن الحقّ الرسن
وأعبد إلهاً ذا منن ** *ولا توالي ذا الإحن(2).
وقال أبو بكر ابن أبي قحافة وهو حامله على عاتقه:
بأبي شبيه بالنبي ** *غير شبيه بعلي(3)
تسميته(عليه السلام)
لمّا ولدت السيّدة فاطمة الإمام الحسن(صلى الله عليه وآله)، قالت لعلي(عليه السلام): «سمّه»، فقال الإمام(عليه السلام): «ما كنت لأسبق باسمه رسول الله(صلى الله عليه وآله)».
فلمّا جاء النبي(صلى الله عليه وآله) قال لعلي(عليه السلام): «هل سمّيته»؟ فقال: «ما كنت لأسبقك باسمه»؟ فقال(صلى الله عليه وآله): «ما كنت لأسبق باسمه ربّي عزّ وجلّ»، فأوحى الله تبارك وتعالى إلى جبرائيل أنّه قد ولد لمحمّد ابن فاهبط وأقرئه السلام وهنّئه، وقل له: إنّ علياً منك بمنزلة هارون من موسى، فسمّه باسم ابن هارون، فهبط جبرائيل(عليه السلام) فهنّأه من الله عزّ وجلّ، ثمّ قال: «إنّ الله عزّ وجلّ يأمرك أن تسمّيه باسم ابن هارون».
قال: «وما كان اسمه»؟ قال: «شبّر»، قال: «لساني عربي»، قال: «سمّه الحسن»، فسمّاه الحسن(44)، ولم يكن يُعرف هذا الاسم في الجاهلية.
مراسيم ولادته(عليه السلام)
جاء النبي(صلى الله عليه وآله)، فأُخرج إليه، فقال(صلى الله عليه وآله): «اللّهمّ إنّي أُعيذه بك وولده من الشيطان الرجيم»(5)، ثمّ أذّن(صلى الله عليه وآله) في أُذنه اليمنى، وأقام في اليسرى، وعقّ عنه قال: «بسم الله عقيقة عن الحسن»، وقال: "اللّهمّ عظمها بعظمه، ولحمها بلحمه، ودمها بدمه، وشعرها بشعره، اللّهمّ اجعلها وقاءً لمحمّد وآله"(6).
وحلق رأسه، وأمر أن يتصدّق بزنة شعره فضّة، فكان وزنه درهماً وشيئاً.
رؤيا أُمّ الفضل
قالت أُمّ الفضل ـ زوجة العباس بن عبد المطّلب ـ: قلت: يا رسول الله، رأيت في المنام كأنّ عضواً من أعضائك في بيتي، فقال(صلى الله عليه وآله): «تلد فاطمة غلاماً إن شاء الله، فتكفلينه». فوضعت فاطمة الحسن، فدفعه إليها النبي فأرضعته بلبن قثم بن العباس(7(
كريم أهل البيت(عليهم السلام(
تعتبر صفة الكرم والسخاء من أبرز الصفات التي تميّز بها الإمام الحسن(عليه السلام)، فكان المال عنده غاية يسعى من خلالها إلى كسوة عريان، أو إغاثة ملهوف، أو وفاء دين غريم، أو إشباع جوع جائع، وإلخ.
ومن هنا عُرف(عليه السلام) بكريم أهل البيت، فقد قاسم الله أمواله ثلاث مرّات، نصف يدفعه في سبيل الله ونصف يبقيه له، بل وصل إلى أبعد من ذلك، فقد أخرج ماله كلّه مرّتين في سبيل الله ولا يبقي لنفسه شيئاً، فهو كجدّه رسول الله(صلى الله عليه وآله) يعطي عطاء من لا يخاف الفقر، وهو سليل الأسرة التي قال فيها ربّنا وتعالى: وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَن يُوقَ شُحّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ(8).
وآية أُخرى تحكي لسان حالهم: وَيُطْعِمُونَ الطّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وأسيرا إنما نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللهِ لَا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاء وَلَا شُكُورًا(9).
وهو(عليه السلام) من الشجرة الطيّبة التي تؤتي أُكلها كلّ حين، فمن كريم طبعه(عليه السلام) أنّه لا ينتظر السائل حتّى يسأله ويرى ذلّ المسألة في وجهه، بل يبادر إليه قبل المسألة فيعطيه.
أقوال المصطفى (صلى الله عليه وآله وسلم ) في فضله:
جاء في فضله عدة أقوال منها:
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم )
(من سرّه أن ينظر إلى سيّد شباب أهل الجنة فلينظر إلى الحسن بن علي (عليه السلام).
عن حذيفة بن اليمان قال:
”بينما رسول الله إذ أقبل الحسن بن علي يمشي على هدوء ووقار، فنظر إليه رسول الله فقال: ”إن جبرئيل يهديه وميكائل يسدده وهو ولدي والطاهر من نفسي، وضلع من أضلاعي، هذا سبطي وقرة عيني، بأبي هو“
قال رسول الله في ولده الحسن المجتبى :
«إنه سيكون بعدي هادياً مهدياً، هذا هدية من رب العالمين لي ينبئ عني، ويعرِّف الناس آثاري، ويحيي سنتي، ويتولى أموري في فعله، ينظر الله إليه فيرحمه، رحم الله من عرف له ذلك، وبرَّني فيه وأكرمني فيه"
قال رسول الله :
"إن الحسن والحسين شنفا العرش، وإن الجنة قالت: يا رب أسكنتني الضعفاء والمساكين، فقال الله لها: ألا ترضين أني زينت أركانك بالحسن والحسين؟ قال: فماست كما تميس العروس فرحاً"
من فيض حكمه وأقواله :
1ـ قال(عليه السلام): «المِزَاح يأكلُ الهيبة، وقَدْ أكثرَ مِن الهَيبةِ الصامت"(10).
2ـ قال(عليه السلام): «الفُرصَة سريعة الفوت بَطيئَةُ العَود"(11).
33ـ قال(عليه السلام): «عَلِّم الناس عِلمَك، وتَعلّم عِلم غَيرِك، فتكون قد أتقنتَ عِلمَك وعَلِمت مَا لَمْ تَعلَم"(12).
44ـ قال(عليه السلام): «القَريبُ مَن قرّبَتْه المَوَدّة وإن بَعُد نَسبُه، والبعيد من بَاعدَته المودّة وإن قرب نسبه، لا شيء أقرب مِن يَدٍ إلى جسد، وإنّ اليد تفل فتُقطع وتُحسم"(13).
5ـ قال(عليه السلام): «رَأسُ العقل مُعَاشَرة الناس بالجميل"(14).
وفي الختام رزقنا الله تعالى في الدنيا زيارة قبره الشريف وفي الآخرة شفاعته وعَرّف الله بيننا وبينه يوم القيامة .
الأمانة الخاصة لمزار العلوية الطاهرة السيدة شريفة بنت الإمام الحسن المجتبى (عليهما السلام)
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
1 مسند أحمد 3/164.
2مناقب آل أبي طالب 3/159.
3 صحيح البخاري 4/164.
4 الأمالي للصدوق: 198.
5 بحار الأنوار 43/256.
6 المصدر السابق 43/257.
7 المصدر السابق 43/242.
8 الحشر: 9.
9 الإنسان: 8ـ9.
10 بحار الأنوار 75/113.
11 المصدر السابق.
12 المصدر السابق 75/111.
13 المصدر السابق 75/106.
14 العقل والجهل في الكتاب والسنّة: 1600.