وَداعَاً...والمُلتَقى عِندَ الحُسَين
عِبارَةٌ كَثيرٌ ما لفتت نظري عِند صور الشهداء، و رُبما سائلٌ يَسأل.. ما سرُ هذا الإرتباط مع سيد الشهداء الحسين (عليه السلام) ؟ . وجواب ذلك هو الإيمان الحقيقيَّ والمطلق بما مضى عليه الحُسين وأصحابه (عليهم السلام) لصلاحِ هذه الأمة وإنقاذها من بحر الظلم والجور والأخذ بيد الناس إلى بَر الحرية والعدالة وأنجز ذلك كُله الإمام الشهيد مع قلة الناصر وتكالب الأعداء ، لكنه حقق هدفه السامي بدمهِ الزكي وهو الآن حيٌ ما دامت الحياة وأصبح هو وأصحابه مصداق لقولهِ تعالى :
( وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ * فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ * يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ)(1)
لكن ذراريَّ الطغاة والفسقه لم ينتهوا بعد وما أشبه اليوم بالأمس فقد تكالب الأعداء علينا من جديد لقتل الأنفس البريئة وهتك الأعراض وإستباحة المقدسات ، لكنهم بفضل الله تبارك وتعالى وبحكمة مراجعنا العظام وعلى رأسهم المرجع الأعلى الإمام السيد علي السيستانيَّ (قدس سره الشريف وأمَّد الله تعالى بعمره ) الذي بفتواه المباركة وبسواعد الأحرار من الشباب المؤمن الذين كان لهم الإمام الحسين معلماً ونهجه مدرسةً قاتلوا وضحوا بدمائهم الزكية كما ضحى امامهم واستشهدوا على أستشهد عليه فكان الملتقى عنده ، وإذا أتينا إلى معنى الشهادة فهي :
الشهادة في مدرسة الوحي مطلوبة ومحبوبة، وقُضى جميع الأئمة بين قتيل أو مسموم، وكان موتهم الشهادة. ومع أن نفوس الأئمة وأولياء الله وعبادة المخلصين عزيزة، لكن دين الله أعز وأغلى. وعلى هذا يجب التضحية بالنفس في سبيل الله، ليسود الحق وهذا هو "سبيل الله" ولابد لنا أن نُعرج على موضوع مهم وهو :
من هم الشهداء
جاءت الروايات والأحاديث أشخاصا آخرين يعتبرون في عداد الشهداء، فمن قتل في ساحة الحرب، ومن تحمل العذاب وحمل المشاق، وضحى بنفسه في هذا السبيل، لهذا ومن قتل دفاعا عن ماله وعن نفسه وعن شرفه ولنيل حقه، أو من يموت وهو مهاجر في سبيل الله، أو من يموت على الإيمان وعلى محبة أهل البيت وهو ينتظر الفرج لكي يحكم العدل، ومن يموت في سبيل طلب العلم .والنهي، فهو في جميع هذه الحالات يكون الإنسان المؤمن المدافع شهيدا.
أجرُ الشهداء
لقد قيل عن الشهداء ومكانتهم وأهمية مقامهم الكثير الكثير، فكلّ الأمم، وكلّ الشعوب تحترم شهداءها وتقيم لهم وزناً خاصّاً ولكن ما يوليه الإسلام للشهداء في سبيل الله من الإحترام وما يعطيهم من المقام لا مثيل له ، وهذه حقيقة لا مبالغة فيها، فإن الحديث التالي نموذج واضح لهذا الإحترام العظيم، الذى يوليه الإسلام الحنيف للذين استشهدوا في سبيل الله، وفي ظل هذه التعاليم استطاعت تلك الجماعة المحدودة أن تكتسب تلكم القوّة العظيمة الهائلة التي استطاعت بها أن تركع أمامها أعظم الإمبراطوريات، بل وتدحر أعظم العروش.
وإليك هذا الحديث:
عن الإمام علي بن موسى الرضا (ع) عن الحسين بن علي (عليهما السلام) قال: (بينما أمير المؤمنين يَخطب ويحرضهم على الجهاد إذ قام إليه شاب فقال: يا أمير المؤمنين أخبرني عن فضل الغزاة في سبيل الله ؟ فقال: كنت رديف رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) على ناقته العضباء ونحن منقلبون عن غزوة ذات السلاسل فسألته عمّا سألتني عنه فقال: الغزاة إذا هموا بالغزو كتب الله لهم براءة من النار. فإذا تجهزوا لغزوهم باهى الله بهم الملائكة.(2) فإذا ودعهم أهلوهم بكت عليهم الحيطان والبيوت، ويخرجون من الذنوب... ويكتب له (أي لكلّ شهيد وغاز) كلّ يوم عبادة ألف رجل يعبدون الله وإذا ضاروا بحضرة عدوهم انقطع علم أهل الدنيا عن ثواب الله إياهم فإذا برزوا لعدوهم وأشرعت الأسنة وفوقت السهام، وتقدّم الرجل إلى الرجل حفتهم الملائكة بأجنحتها يدعون الله بالنصرة والتثبيت فينادي مناد: «الجنة تحت ظلال السيوف» فتكون الطعنة والضربة على الشهيد أهون من شرب الماء البارد في اليوم الصائف وإذا زال الشهيد من فرسه بطعنة أو ضربة لم يصل إلى الأرض حتّى يبعث الله إليه زوجته من الحور العين فتبشره بما أعد الله له من الكرامة. فإذا وصل إلى الأرض تقول له الأرض: مرحباً بالروح الطيب الذي خرج من البدن الطيب، إبشر فإن لك ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر ويقول الله: أنا خليفته في أهله من أرضاهم فقد أرضاني ومن أسخطهم فقد أسخطني. فالسلام على سيد الشهداء وعلى الذين استشهدوا معه ويستشهدون على نهجه والسلام على جميع أرواح شهداء الحشد الشعبي المقدس الذين يضحون بأرواحهم الطاهرة من أجل حفظ الأعراض والمقدسات .
الأمانة الخاصة لمَزار العلوية الطاهرة شريفة بنت الإمام الحَسن المجتبى (عليهما السلام)
الكاتب : عباس محسن الخفاجيَّ
قسم الإعلام
17/3/2017
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)سورة آل عمران :169.
(2) مستدرك الوسائل: 2 / 242 باب 1 ح 15