قائمة الأقسام
عنوان السؤال: الفترة المحدّدة لتعارف الجنسين قبل الزواج
علي أشكناني 07/08/2016 332

1 ـ هل يوجد فترة محدّدة لتعرّف الجنسين على بعضهما بغية الزواج؛ لضمان الحدود الشرعيّة وعدم إثارة رغبة جنسيّة؟ 2 ـ أنا فتاة أعيش في أمريكا، ومؤخّراً كنت في لبنان من أجل خطبة أختي، عندما عدت تحدّث قريب خطيب أختي وأهله مع أبي، وطلبوا أن نتعرّف أكثر على بعض بهدف الزواج، الشاب وأهله محترمون ومتديّنون، سأعود إلى لبنان بعد أربعة أشهر لحضور زفاف أختي، ويودّ الشاب أن نتحدّث عبر واتساب وسكايب خلال الأشهر الأربعة هذه، وإذا جرى كلّ شيء كما يجب، نخطب عندما أنزل إلى لبنان، لكنّ أبي يعتقد أنّ أربعة أشهر فترة طويلة، لاسيما أنّها قد لا تنجح، وهذا سيؤثّر على سمعتي كفتاة مسلمة، ماذا تقترحون علينا في هذه الحال بحسب خبرتكم؟ وما الذي يقولوه الشرع في هذه الحالة؟

لا توجد فترة محدّدة في الشرع، إنّما المعيار هو مراعاة الضوابط الشرعيّة، فكلّما كانت متوفّرة كان المجال مفتوحاً، وإلا لزم التجنّب فوراً، وكلّ إنسان بصير بنفسه، وإن كان الأفضل أن لا يصار إلى تطويل المدّة بما يلزم منه عادةً مشاكل غير شرعيّة، وإذا كان بالإمكان تحصيل عقد شرعي ـ ولو بشرط عدم الدخول ـ كان ذلك أفضل وأضمن بالتأكيد.

أمّا بالنسبة للسؤال الثاني، فأعتقد بأنّ الموضوع يحتاج لدراسة اجتماعيّة وأسريّة وليس لمجرّد بيان الحكم الشرعي، فمن الناحية الشرعيّة لا توجد مشكلة ضمن الضوابط التي تكلّمنا عنها، نعم بحسب بعض استفتاءات السيد السيستاني حفظه الله تبدو القضيّة غير مرغوب بها، كما قلنا في جواب سؤال سابق. وربما يمكن التوصّل إلى حلّ للجمع بين وجهة نظر الوالد المحترم، وهي وجهة نظر صحيحة تماماً من حيث المبدأ، وبين مسألة التعارف عبر الوسائل هذه، فطول المدّة مع عدم معرفتك حتى الآن بطبيعة الطرف الآخر، ربما يسبّب إرباكاً اجتماعيّاً لك لو كان الشاب غير دقيق في تصرّفاته وفيما يقوله لأصدقائه وفيما يتعامل به من خلال الصور ومقاطع الفيديو التي قد يحصل عليها، وربما يكون في ضبط الموضوع حلاً وسطيّاً، كما لو تمّ السماح بهذا التواصل مرّة كلّ أسبوع مثلاً أو كلّ أسبوعين، مع ضرورة الانضباط الكامل والمثالي أثناء هذه المحاورات واللقاءات الافتراضيّة، رغم أنّني أعتقد بأنّ هذا النوع من التواصل قد لا يساعد كثيراً على التعرّف على شخصيّة الطرف الآخر على عكس التواصل المباشر الذي قد يعطي الكثير من الأفكار التي تتمكّن الفتاة عبرها من تكوين تصوّر أفضل عنه، فإذا كان يمكن لك البقاء في لبنان لمدّة زمنيّة محدودة يكون من خلالها التواصل، أو يكون التواصل محدوداً ومنظّماً زمنيّاً كما قلنا، فقد يمكن توفير إمكانية التعارف وفي الوقت نفسه عدم الدخول في إرباكات اجتماعيّة. وإذا لم يكن الأمر ضاغطاً عليك نفسيّاً فإنّني أميل إلى وجهة نظر الوالد المحترم، وإذا كانت من ضرورة فأعتقد أنّ الأمور يجب أن تُضبط وتكون محدودة، فكثير من الناس تعارفوا عبر لقاءات محدودة لا تزيد عن أصابع اليد الواحدة أو اليدين معاً، وهذا يتبع مدى ذكاء كل طرف ونباهته في كشف هويّة الطرف الآخر، وإن كان التعارف مهما بلغ لا يضمن أبداً طبيعة الشخص الآخر بعد الزواج، لكنّه في النهاية عملية اكتشاف بقدرٍ ما للطرف الآخر، وكثيراً ما سبّب طول فترة التعارف كسنة أو سنتين أو أكثر مشاكل اجتماعيّة أو أخلاقيّة.

إنّ هناك نقطة مهمّة تنبغي ملاحظتها أيضاً، وهي الوضع الاجتماعي للفتاة المسلمة، وكذلك مديات تأثير تصرّفاتها على مكانة أسرتها وسمعتها، فنحن في ثقافتنا لا نفضّل الفردية المفرطة التي اتجه نحوها الغرب، بحيث يصبح الولد غير معنيّ بأسرته أو تصبح الفتاة كذلك، أو يصبح أحد الوالدين غير معنيّ بالآخرين في الأسرة. إنّ هذه الفرديّة مناقضة تماماً لثقافتنا الدينية التي ركّزت على مفاهيم أصيلة في موضوع العلاقة مع الوالدين من جهة، ومع الأولاد من جهة ثانية، وفي موضوع التواصل مع الأرحام من جهة ثالثة و.. لهذا فإذا كان هناك تصرّفٌ ما من الشاب أو الفتاة قد يترك تأثيراً سلبيّاً عليه أو على أسرته وسمعتهما، فعليه أن يلاحظ هذا الأمر، فالأسرة وحدة متكاملة يعيش أفرادها هَمّ بعضهم بعضاً، ويتنازلون لمصلحة بعضهم بعضاً، فإذا لم يبلغ الأمر حدّ الضرورة أو الحاجة أو الأهميّة فمن المناسب جداً أن يأخذ الشاب أو الفتاة الظروف الاجتماعيّة له ولأسرته ولسمعتهما بعين الاعتبار، دون وسوسة أو دخول في انغلاق اجتماعي أو نفسي، تماماً كما هو المناسب بالأسرة أيضاً أن تأخذ حاجات الأولاد بعين الاعتبار، علّه بذلك يكون التعاون المنتج في العائلة الواحدة.

وخلاصة وجهة نظري ـ مع التأكيد على أنّني غير قادر على البتّ بها في حالتك الشخصيّة؛ لأنّ هذا الأمر يحتاج إلى معرفة أكثر بالتفاصيل ومواكبة أكثر للأمور الميدانيّة ـ أنّ مبدأ الاهتمام بسمعة الفتاة وسمعة أهلها مبدأ مهم ومطلوب، وفي الوقت عينه يمكن تحقيق التواصل الذي هو مقدّمة للزواج الذي هو غاية مهمّة أيضاً، وذلك من خلال ضبط الارتباط طيلة هذه المدّة بالشكل الذي قلناه أو تأخير الشروع فيه إلى ما قبل ثلاثة أشهر أو شهرين من النزول إلى لبنان. أتمنّى أن أكون قد وفّقت لتقديم فكرة مساعِدة في هذا الموضوع، وأرجّح استشارة أكثر من شخص عاقل ونَابِه، لاسيما إذا كان على مقربة منك ومن الشاب شخصيّاً، فإنّ في عصف الأفكار منفعة للجميع إن شاء الله تعالى، وربما تكون طبيعة الأمور وخصوصيّات وضعك ووضع الشاب لا تحتاج كثيراً إلى هذا التحفّظ الذي أبديناه.

السابق